طنطا: عاصمة محافظة الغربية ومركز إسلامي

مسجد سيدي أحمد البدوي: جوهرة معمارية في قلب طنطا

شارع السكة الجديدة ويظهر مسجد السيد البدوي

في كتابه "مصر" عام 1857، أشار البارون تايلور تحت اسمه المستعار R. P. Laorty-Hadji إلى مدينة طنطا كواحدة من أجمل المدن وأكثرها ازدحامًا بالسكان في دلتا النيل. تقع طنطا في قلب الدلتا، وتُعرف بمعالمها البارزة مثل مسجد سيدي أحمد البدوي، الذي يُعتبر من روائع العمارة الساراسينية. يعد هذا المسجد مقصدًا هامًا للحجاج المصريين الذين يزورون قبر السيد أحمد البدوي ثلاث مرات سنويًا، مصحوبين بأسواق غنية مثل سوق أبريل، الذي يُعتبر الأكبر.

محطة طنطا عام 1910

طنطا: عقدة المواصلات وأهمية اقتصادية كبرى

تعد طنطا عاصمة محافظة الغربية وخامس أكبر مدينة في مصر من حيث عدد السكان. تتميز المدينة بموقعها المركزي بين القاهرة (94 كم) والإسكندرية (130 كم)، مما يجعلها عقدة رئيسية للسكك الحديدية والطرق. يعتمد اقتصاد المدينة بشكل رئيسي على صناعة القطن وتكرير النفط، لكن أبرز ما يميز طنطا هو الاحتفال السنوي بمولد السيد أحمد البدوي، الذي يجذب آلاف الحجاج من مختلف أنحاء مصر.

صورة للسبيل الأحمدي 1910

حياة السيد أحمد البدوي: الولي الصوفي وأسطورته في طنطا

لا تُعرف الكثير من التفاصيل عن حياة السيد أحمد البدوي، الذي وُلد في فاس عام 1200 وانتقل إلى مكة مع عائلته في وقت لاحق. وُصف بأنه شاب زاهد، وتلقى أمرًا في حلم بالانتقال إلى طنطا، حيث وصل في عام 1237. عاش في طنطا حتى وفاته في عام 1276، حيث أظهر العديد من المعجزات التي جعلت منه شخصية صوفية بارزة. بعد وفاته، أسس أتباعه الطريقة الأحمدية، ويعتقد المؤمنون أن هذا المكان مفعم بالبركة، مما يجذب الحجاج لتحقيق أمانيهم.

موسم المولد: احتفالات طنطا الدينية والثقافية

بينما كان مولد السيد أحمد البدوي يُقام ثلاث مرات في السنة، يتم الاحتفال به الآن مرة واحدة في شهر أكتوبر بعد حصاد القطن. يشمل الاحتفال العديد من الفعاليات الدينية مثل جلسات الذكر وتوزيع الطعام على المحتاجين، إلى جانب أنشطة ترفيهية وتجارية مثل الموسيقى والرقص وبيع الحرف اليدوية والحلويات.

أحداث بارزة في تاريخ طنطا الحديث

شهدت طنطا أحداثًا هامة في تاريخها الحديث، منها إعادة افتتاح كاتدرائية الأقباط بعد تعرضها لهجوم إرهابي في أبريل 2017. تم ترميم الكاتدرائية وتسميتها "كاتدرائية القديس جورج والشهداء". بالإضافة إلى ذلك، أُعيد افتتاح المتحف الأثري المحلي في طنطا بعد 16 عامًا من الإهمال، ليصبح وجهة ثقافية مهمة في المدينة.

شارع المديرية 1910

طنطا: مدينة منسية على الخريطة السياحية لمصر

على الرغم من ثرواتها الثقافية والأثرية، قد تظل طنطا مدينة منسية إلى حد ما لدى السياح، إلا لأولئك الذين يشاركون في مولد السيد أحمد البدوي. يشكل المسجد الجميل لسيدي أحمد البدوي مشهدًا حيويًا في المدينة، حيث يراه الزائرون من محطة القطار، ما يجعلها وجهة تستحق الاستكشاف.

ثيودور غوتييه واجه هذا الوضع نفسه، مما أدى على ما يبدو إلى إحباط كبير، عندما كان في طريقه من الإسكندرية إلى القاهرة بالقطار في عام 1882. قد تكون كلماته مصدر إلهام (أو حتى حافز لتوقف طويل) إذا كان المسار يؤدي إلى وقفة في هذه المدينة المزروعة في قلب الدلتا.

"وصلنا قريبًا إلى محطة طنطا، مدينة مهمة نسبيًا، كما كتب الشاعر والروائي والنقد الفني الفرنسي الشهير، حيث يجذب المسجد الجميل لسيد أحمد البدوي الحجاج ثلاث مرات في السنة، وتُقام أسواق تحضرها القوافل. طنطا، كما تُرى من محطة القطار، - لأن وقت التوقف ليس كافيًا لزيارة المدينة، - تقدم مشهدًا حيويًا وصاخبًا. بين المنازل ذات الطراز العربي، مع مشربياتها ومظلاتها الهوائية، تتخللها تلك المباني ذات الطراز الإيطالي الشرقي التي يحبها أنصار التقدم والأفكار الجديدة، ولكنها تثير غضب الفنان، حيث تعرض واجهاتها الملونة بألوان ناعمة، مثل الأصفر الخفيف، أو السالمون، أو الأزرق السماوي، والأكواخ المصنوعة من الطين المسطح، التي يعلوها مآذن المسجد وقباب بيضاء لبعض المزارات؛ أضف إلى ذلك رفقاء ضروريين من شجر التين الفرعوني وأشجار النخيل التي ترتفع فوق الأسوار المنخفضة للحدائق." (في "الشرق". المجلد الثاني)

طنطا: تجربة فريدة لمحبي الثقافة والتراث

إذا كنت تبحث عن تجربة ثقافية غنية في مصر، فإن طنطا تقدم لك فرصة استكشاف مدينة ذات تاريخ عريق وتقاليد صوفية عميقة. سواء كنت تزور المدينة خلال موسم المولد أو لاستكشاف معالمها الأثرية، فإن طنطا تستحق أن تكون ضمن قائمتك لأهم الوجهات السياحية في مصر.